الهجرة جزء من الحل لأزمة افتقار كيبيك إلى اليد العاملة

الهجرة

ما هو العدد الأمثل للمهاجرين الذي يجب أن ترحب به كيبيك سنويًا؟ إنه السؤال الذي يحاول ’’معهد كيبيك‘‘ الإجابة عنه من خلال تقييم الآثار الديموغرافية والاقتصادية لسيناريوهات الهجرة المختلفة.

هل تحتاج كيبيك حقا إلى المزيد من المهاجرين؟ عنونت ميا حمصي في مقال لها نشرته مؤخرا مجلة Gestion (نافذة جديدة) التي تصدر عن معهد الدراسات التجارية العليا (نافذة جديدة) التابع لجامعة مونتريال. حاورتها في النقاط التي يتطرق إليها مقالها وطلبت منها الإجابة عن سؤالها.

تأثير الهجرة الإيجابي على اقتصاد كيبيك

’’إنه بالفعل سؤال كبير‘‘، أجابت ميا حمصي في ردها على السؤال الذي عنونت به مقالها. ’’لقد قمنا بإجراء تحليلات حول الهجرة لعدة سنوات في معهد كيبيك لنرى كيف يسير اندماج المهاجرين في هذه المقاطعة. ما وجدناه، هو أنه على الرغم من الجائحة، تشير أحدث البيانات إلى أن هناك تحسنا على صعيد اندماج المهاجرين في سوق العمل المحلية‘‘.

نقلا عن ميا حمصي، الرئيسة التنفيذية في معهد كيبيك

تؤكد المتحدثة على أن مجتمع كيبيك قادر على الترحيب تدريجيا بالمزيد من المهاجرين، مشيرة إلى وجوب اهتمام الحكومة بالمهاجرين الموجودين فعلا في كيبيك من خلال تصاريح إقامة مؤقتة للدراسة أو العمل. وتنصح الخبيرة الاقتصادية كيبيك بتسريع عملية معالجة ملفات الهجرة والإقامة الدائمة لهؤلاء الأشخاص. لا سيما لزيادة عتبات الهجرة تدريجياً على مدى السنوات القليلة المقبلة، لتتخطى ببضعة آلاف الـ 000 50 سنويا، التي وعدت كيبيك بالترحيب بهم، لأن ذلك سيكون أكثر انسجاما مع احتياجات سوق العمل، على حد تعبير ميا حمصي. في الوقت ذاته، تؤكد هذه الأخيرة أنه ’’يجب أن يعتمد الرقم على قدرتنا على دمجهم في سوق العمل في كل المناطق وليس فقط في المدن المركزية الكبرى. كلما كان الاندماج أسرع وأكثر فاعلية، كلما زادت مساهمة المهاجرين في الاقتصاد وفي نوعية حياة السكان‘‘.

أظهرت النماذج أنه لا يوجد عدد مثالي من المهاجرين يجب أن ترحب به كيبيك كل عام[…] وحسبنا أن الهجرة يمكن أن تكون الحل السحري للتعويض عن تأثير شيخوخة السكان في كيبيك.

نقلا عن ميا حمصي، الرئيسة التنفيذية في معهد كيبيك
اختلال التوازن بين الخارجين من سوق العمل والداخلين إليه

تكافح الشركات في سائر أنحاء العالم لملء الوظائف الشاغرة، ومما لا شك فيه أن ’’نقص العمالة ليس مشكلة لطيفة (نافذة جديدة). إنه مطب اقتصادي سريع، يؤدي إلى نتائج عكسية، ويقيد نمو الإنتاج وتوسع الأعمال التجارية، وفي النهاية، يمكن أن يقلل من احتمالات تحسين ظروف عمل الموظفين الموجودين بالفعل في الأعمال التجارية‘‘.

تؤكد ميا حمصي أن هناك اليوم ما لا يقل عن 000 240 وظيفة شاغرة في كيبيك في قطاعات الخدمات الصحية والاجتماعية وتجارة التجزئة، في التصنيع وفي خدمات الإقامة والطعام، في قطاع البناء وفي التعليم. علما أن وزارة العمل في حكومة كيبيك كانت أكدت أنه بين عامي 2017 و 2026، سيكون هناك مليون و42 ألف وظيفة متاحة. في هذا الإطار، أعرب ’’مجلس أرباب الأعمال في كيبيك‘‘ عن اعتقاده بأن سوق العمل في كيبيك بحاجة إلى 000 314 مهاجر من أجل ملء كل هذه الوظائف.

تداعيات نقص العمالة ظهرت جليا مؤخرا في مطار إليوت ترودو الدولي في مونتريال وفي مكاتب ’’خدمة كندا‘‘، لا سيما في أقسام جوازات السفر. تقول ميا حمصي: ’’أين ذهب كل العمال؟ سؤال يتكرر طرحه في الآونة الأخيرة. في الواقع إن البيانات تشير إلى أن سكان كيبيك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 عاما يعملون حاليا أو يبحثون بجهد ونشاط عن فرصة عمل، والارقام مرتفعة للغاية على مستوى كافة الفئات العمرية، وبشكل أعلى مما كان عليه الأمر أثناء الجائحة‘‘.

مجتمع يشيخ

ليس السبب في نقص العمالة أن المواطنين يرفضون العمل، بل كل ما هنالك أن السكان يتقدمون في السن، لذلك هناك المزيد والمزيد من الأشخاص المتقاعدين، ولا يوجد ما يكفي من الشباب ليأخذوا مكان جيل البيبي بومرز، وهم مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية الذين بلغوا سن التقاعد اليوم.

نقلا عن ميا حمصي، الرئيسة التنفيذية في ’’معهد كيبيك‘‘

تشير السيناريوهات الديموغرافية التي وضعتها مؤسسة الإحصاء في كيبيك (نافذة جديدة) إلى أن عواقب شيخوخة السكان (نافذة جديدة) ستظل محسوسة لمدة عقد على الأقل، خاصة خارج منطقة مونتريال الكبرى.

تصف الخبيرة الاقتصادية ميا حمصي النمو الاقتصادي في كيبيك بأنه ’’قوي جدا‘‘، وهذا يتمثل في أن الشركات ترغب في التوظيف لأن هناك طلبا على خدماتها. ’’كان الانتعاش في عام 2021 قوياً للغاية في كيبيك، كنا أحدى المقاطعات التي لديها أقوى انتعاش اقتصادي‘‘.

في سياق متصل، لا تعتقد ميا حمصي أن القانون 96 المتعلق بديمومة اللغة الفرنسية الذي أقرته حكومة كيبيك مؤخرا، ستكون له آثار سلبية على سوق العمل واندماج المهاجرين. وتعوّل المتحدثة على مرونة الحكومة في التكيف وإيجاد الطرق الناجعة لتطبيق القانون بما تقتضيه المصلحة العامة. ’’علينا أن نكون منفتحين على ما أعتقد في معايير التطبيق‘‘ حسب تعبيرها.

’’مجتمع كيبيك مليء بالفرص ويُرّحب بشكل كبير بالمهاجرين‘‘

تقول باستمرار من ولدت في كيبيك لأب هاجر من مصر عندما كان في ربيعه الخامس عشر وأم من عائلة حداد اللبنانية، أتت من مصر ايضا عندما كانت في العشرينيات من العمر. وتؤكد حمصي بأن إندماج والديها كان نموذجيا كذلك انخراطهما الناجح في سوق العمل.

تشير المتحدثة إلى أن الشركات في كيبيك هي أكثر انفتاحًا على التكيف مع الثقافات الأخرى، لايمانها بالقيمة المضافة التي يحملها معه المهاجر إلى سوق العمل.

أشعر أن هناك انفتاحًا أكثر وأكثر في المجتمع الكيبيكي، ويبقى التحدي المؤكد هو إتقان اللغة الفرنسية لتكون قادرًا على اندماج أفضل في سوق العمل.

نقلا عن ميا حمصي، مديرة ’’معهد كيبيك‘‘

تفهم حمصي اللغة العربية تماما ولكنها لا تكتبها ولا تقرأها ولا تستطيع التحدث بها، وهي تقّر بأن إتقان لغة جديدة يشكل تحديا كبيرا. ولكن، تضيف المتحدثة، فإن هناك الكثير من الموارد في كيبيك التي تسمح للمهاجرين بتعلم اللغة الفرنسية. إن العديد من الشركات أيضا تدفع الاجور للموظفين أثناء تلقيهم دورات في تعلم اللغة أو في كيفية التميّز في سوق العمل في كيبيك. ’’على المهاجر البحث والسؤال لاكتشاف كل هذه الأمور التي تساعده في تحقيق الاندماج باسرع وقت‘‘.

تُثني حمصي على جهود حكومة كيبيك في السنوات الأخيرة من أجل تحسين عملية اختيار المهاجرين واندماجهم التي أدت إلى تحسن ملحوظ في معدل نشاطهم ومعدل توظيفهم ودخلهم وتدني معدل البطالة في صفوفهم، الأمر الذي أدى إلى تضييق الفجوات الواسعة بينهم وبين أبناء كيبيك الأصليين. مع ذلك، تضيف المتحدثة، ’’لا تزال هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها من أجل تقليل الفجوات التي لا تزال قائمة بين وضع المهاجرين وأولئك الذين ولدوا في كندا، واللحاق بما أنجزته مقاطعة بريتيش كولومبيا أو مقاطعة أونتاريو، والتي يبدو أنهما تعملان بشكل أفضل في هذا الصدد‘‘ كما تقول ميا حمصي.

استحقاق انتخابي في كيبيك وموضوع الهجرة على المحك

يكرر وزير الهجرة في حكومة حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك جان بوليه بأن قدرة المقاطعة ذات الأغلبية الناطقة بالفرنسية ’’على الاستقبال والاندماج محدودة بـ 50000 مهاجر‘‘.

ترى ما هي الحجة المقنعة لمعهد كيبيك لحمل حكومة حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك، التي لا تزال متقدمة في نوايا تصويت الناخبين للفوز بولاية ثانية، حسب استطلاعات الرأي، في الانتخابات العامة المقررة في 3 تشرين الأول / أكتوبر المقبل، على رفع سقف الهجرة وإعادة النظر في قرار استقبال 50000 مهاجر كحد أقصى في السنة؟

تجيب ميا حمصي: ’’أعتقد أنه في التقرير الأخير الذي نشرناه حول الهجرة، أظهرنا بوضوح تام أهمية احتياجات سوق العمل والاقتصاد. يعتمد هذا القطاع حاليًا على الهجرة التي يتجاوز عددها الـ 000 50 مهاجر الذي طالما يتم التحدث عنهم. لأن في كيبيك اليوم الكثير من المهاجرين المؤقتين سواء كانوا طلاباً أو عمالاً، يتخطى عددهم النصف من العدد الإجمالي للمهاجرين في هذا الوقت. تستقدم كيبيك بشكل متزايد عمال مؤقتين مع أنواع مختلفة من التصاريح التي تسمح للعمال بالمجيء إلى هنا بتفويض العمل. هناك الكثير من المهاجرين الموجودين بالفعل في كيبيك، لذا فإن الاحتياجات أكبر بكثير من 000 50‘‘.

تسهب ميا حمصي في شرح الأسباب المعززة للترحيب بالمزيد من المهاجرين في كيبيك. تقول: ’’في النظر إلى معدل التوظيف، يظهر تواجد هؤلاء أكثر فأكثر في سوق العمل مع معدل بطالة يتناقص وأجور تزداد لتلحق بالمتوسط الوطني للأجور في كيبيك. عندما ننظر إلى خارج منطقة مونتريال الكبرى، نجد أن معدل البطالة منخفض للغاية. ففي كيبيك عاصمة المقاطعة على سبيل المثال، تدنى معدل البطالة إلى نحو 3% وهي أقل نسبة في البلاد (نافذة جديدة). ’’وإن أي سياسة ترمي إلى تقليص عدد المهاجرين قد تشكل مكبحاً للاقتصاد‘‘.

تخلص ميا حمصي إلى القول: ’’إننا قدمنا هذا العرض التوضيحي مقترحين على الحكومة تسريع عملية الاختيار من المهاجرين المؤقتين لجعلهم مقيمين‘‘.

نناشد الحكومة المرونة في تقبل رفع عتبات الهجرة والنظر في وضع العمال المؤقتين لأن الاقتصاد وسوق العمل قادران بالفعل على دمجهم، و سيعود ذلك بالفائدة على المجتمع.

نقلا عن ميا حمصي، الرئيسة التنفيذية لمعهد كيبيك

التعليقات ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .