أوروبا تُعيد ضبط سياستها الصناعية: سباق مع الزمن بين ضغط الصين وأمريكا

السياسة الصناعية الأوروبية: الاتحاد الأوروبي يتحرّك لوقف تآكل قاعدته الصناعية أمام المنافسة الأميركية-الصينية،

Random Image

  السياسة الصناعية الأوروبية: الاتحاد الأوروبي يتحرّك لوقف تآكل قاعدته الصناعية أمام المنافسة الأميركية-الصينية، مع حزمة أدوات حمائية و«عقيدة للأمن الاقتصادي» مرتقبة، ونقاشات عاجلة في بروكسل.
في سباق عالمي محتدم لإعادة رسم النفوذ الاقتصادي، تتعامل أوروبا مع لحظة مفصلية: سبعون عامًا من منظومة دفاعية-اقتصادية تتعرّض للاهتزاز، فيما تنتهج الولايات المتحدة والصين سياسات صناعية هجومية تحمي الأسواق الوطنية وتُسَرّع نقل التكنولوجيا والتمويل. وفق تقارير اقتصادية موسّعة، بات الاتحاد الأوروبي «يخوض معركة لإنقاذ الصناعات الأوروبية المهدَّدة» وسط إدراك متنامٍ بأن كلفة الانتظار أصبحت أعلى من كلفة التحرّك.

سباق محتدم… وسياسات أوروبية متأخرة

تشير تحليلات مراكز أبحاث في بروكسل إلى أنّ نافذة التنافسية الأوروبية تضيق تدريجيًا: سلاسل توريد أعيد تشكيلها، معايير دعم محلّية لدى المنافسين، وزخم استثماري موجّه للقطاعات الخضراء والتقنيات المتقدّمة. وتلفت أصوات اقتصادية إلى أن أوروبا «بحاجة إلى سياسة صناعية واضحة، أقلّ انشغالًا بالدفاع عن نظام متعدد الأطراف لا يردع الممارسات غير العادلة كما كان». في هذا السياق، يستعد الزعماء الأوروبيون لاجتماعات تركّز على تقليل الاعتماد الاستراتيجي وبناء قاعدة صناعية-تكنولوجية دفاعية أكثر صلابة.

أدوات مطروحة على الطاولة

  • نقل التكنولوجيا المشروط: بحث اشتراط نقل تقنيات من شركات صينية لنظيراتها الأوروبية للعمل داخل السوق الموحدة—قلبٌ لأدوات المنافس ضدّه.
  • أفضلية في المشتريات العامة: منح الشركات الأوروبية أولوية في عقود تقارب 2.5 تريليون يورو سنويًا، لتعزيز الطلب المحلي وسلاسل القيمة الإقليمية.
  • عقيدة «الأمن الاقتصادي»: إطار مرتقب يحدد متى وكيف تُستخدم أدوات الدفاع التجاري لحماية المصالح الاستراتيجية.
  • تنسيق مع مجموعة السبع: لتقويض هيمنةٍ متصاعدة على المعادن النادرة والمواد الحيوية، مع تقليل نقاط الضعف في الإمداد.

المشكلة البنيوية: السرعة قبل الرؤية

تُقِرّ قراءات رفيعة بأن أوروبا تمتلك الرؤية لكنها تفتقد السرعة والجرأة التنفيذية. التحذير صريح: إجراءات اليوم لن تُثمِر غدًا، وبعضها يحتاج سنوات ليظهر أثره، بينما يُعيد المنافسون رسم خرائط العرض والطلب بسرعة. ومع تصاعد القيود الصينية على التصدير وتمدد الشركات الآسيوية في سلاسل القيمة، تتزايد كُلفة التأخّر.

تحذيرات استراتيجية عند أعلى المستويات

من ماريو دراغي إلى قادة مؤسسات أوروبية، الرسالة واحدة: التقاعس يهدد التنافسية والقدرة على تقرير المصير. وفي خطاب جامعة السوربون، قال إيمانويل ماكرون إن «أوروبا كيان يمكن أن يموت، ومصيره يتوقّف على قراراتنا»، محذّرًا من أن التأخر قد يُفرغ القرارات لاحقًا من جدواها.

الصين تتقدّم… وأوروبا تتردّد

تُبرز دراسات أكاديمية أن الصين بنت تفوقًا طويل الأمد عبر شبكات بحث وتطوير متقدمة وقوى عاملة مُؤهّلة، ما جعل شركات أوروبية تعتمد على السوق الصينية لتصنيع مكوّنات أساسية—من البطاريات إلى الشرائح الدقيقة. ومع تعاظم دور المعادن النادرة (حيث تُنسَب للصين حصة ضخمة من الاحتياطيات والمعالجة عالميًا)، تتزايد الحاجة الأوروبية إلى بدائل موثوقة وإلى تسريع الاستثمار في التنقيب والمعالجة داخل أوروبا.

ما المطلوب الآن؟

  • توحيد جبهة السياسات: منطق السوق الموحدة يقتضي استراتيجية صناعية موحّدة، لا فسيفساء وطنية متنافرة.
  • مقاربة «حماية ذكية»: أدوات دفاع تجاري دقيقة الاستهداف، لا حمائية عمياء تُضعف الإنتاجية والابتكار.
  • تسريع التمويل الأخضر-التقني: قنوات تمويل سريعة وحوافز ضريبية توازي منافسي أوروبا، خصوصًا في الذكاء الاصطناعي، أنصاف النواقل، البطاريات، والطاقة النظيفة.
  • إستراتيجية للمواد الحرجة: شراكات توريد طويلة الأجل، معايير إعادة تدوير، وقدرات معالجة محلية لتقليل الاختناقات.

خلاصة:

  • المعضلة ليست في «ماذا تفعل أوروبا» بل «كم السرعة التي تفعل بها ذلك».
  • الأمن الاقتصادي = سياسات صناعية + أدوات دفاع تجاري + تحالفات إمداد استراتيجية.
  • التنفيذ المتزامن على المستوى الأوروبي شرطٌ لجدوى أي حزمة وطنية.

  أسئلة شائعة — السياسة الصناعية الأوروبية

ما المقصود بـ«عقيدة الأمن الاقتصادي»؟

إطار سياساتي يحدد الأدوات والتوقيت لحماية المصالح الاستراتيجية الأوروبية: فحص الاستثمارات، ضوابط تصدير، دفاع تجاري، وتوجيه المشتريات العامة.

هل قد تقطع أوروبا اعتمادها على سلاسل التوريد الآسيوية؟

الهدف ليس الفصل الشامل بل تقليل المخاطر عبر تنويع المصادر وبناء قدرات محلية في المواد الحرجة والتقنيات الأساسية.

هل الحمائية كافية لإنقاذ الصناعة؟

الحمائية دون ابتكار وتمويل سريع قد تُضعف الكفاءة. المطلوب حماية ذكية مع تسريع الاستثمار والإنتاجية.

كم يستغرق ظهور نتائج السياسات؟

غالبًا سنوات. لذلك يتقدّم خيار «التنفيذ المتدرّج السريع» مقرونًا بأهداف مرحلية قابلة للقياس.

التعليقات ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .